فصل: تفسير الآيات (1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (170- 179):

{فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)}
قوله عز وجل: {ولقد سبقت كلمتُنا لعبادنا المرسلين} فيه قولان:
أحدهما: سبقت بالحجج، قاله السدي.
الثاني: أنهم سينصرون، قال الحسن: لم يقتل من الرسل أصحاب الشرائع أحد قط.
{إنهم لهم المنصرون} فيه قولان:
أحدهما: بالحجج في الدنيا والعذاب في الآخرة، قاله السدي والكلبي.
الثاني: بالظفر إما بالإيمان أو بالانتقام، وهو معنى قول قتادة.
قوله عز وجل: {فتولَّ عنهم حتى حين} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: يوم بدر، قاله السدي.
الثاني: فتح مكة، حكاه النقاش.
الثالث: الموت، قاله قتادة.
الرابع: يوم القيامة، وهو قول زيد بن أسلم.
وفي نسخ هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها منسوخة، قاله قتادة.
الثاني: أنها ثابتة.
قوله عز وجل: {وأبْصِر فسوف يبصرون} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أبصر ما ضيعوا من أمر الله فسوف يبصرون ما يحل بهم من عذاب الله وهو معنى قول ابن زيد.
الثاني: أبصرهم في وقت النصرة عليهم فسوف يبصرون ما يحل لهم، حكاه ابن عيسى.
الثالث: أبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون ذلك في القيامة.
الرابع: أعلمهم الآن فسوف يعلمونه بالعيان وهو معنى قول ثعلب.

.تفسير الآيات (180- 182):

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}
قوله عز وجل: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} روى الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين}». قوله تعالى: {رب العزة} يحتمل وجهين:
أحدهما: مالك العزة.
الثاني: رب كل شيء متعزز من مالك أو متجبر.
{وسلامٌ على المرسلين} يحتمل وجهين:
أحدهما: سلامه عليهم إكرماً لهم.
الثاني: قضاؤه بسلامتهم بعد إرسالهم فإنه ما أمر نبي بالقتال إلا حرس من القتل.
{والحمد لله رب العالمين} يحتمل وجهين:
أحدهما: على إرسال الأنبياء مبشرين ومنذرين.
الثاني: على جميع ما أنعم به على الخلق أجمعين.

.سورة ص:

.تفسير الآيات (1- 3):

{ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)}
قوله عز وجل: {ص} فيه تسعة تأويلات:
أحدها: أنه فواتح الله تعالى بها القرآن، قاله مجاهد.
الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
الثالث: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس.
الرابع: أنه حرف هجاء من أسماء الله تعالى، قاله السدي.
الخامس: أنه بمعنى صدق الله، قاله الضحاك.
السادس: أنه من المصادة وهي المعارضة ومعناه عارض القرآن لعلمك، قاله الحسن.
السابع: أنه من المصادة وهي الاتباع ومعناه اتبع القرآن بعلمك، قاله سفيان.
{والقرآن ذي الذكر} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ذي الشرف، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي.
الثاني: بالبيان، قاله قتادة.
الثالث: بالتذكير، قاله الضحاك.
الرابع: ذكر ما قبله من الكتب، حكاه ابن قتيبة. قال قتادة: ها هنا وقع القسم.
واختلف أهل التأويل في جوابه على قولين:
أحدهما: أن جواب القسم محذوف وحذفه أفخم له لأن النفس تذهب فيه كل مذهب. ومن قال بحذفه اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: أن تقدير المحذوف منه لقد جاء الحق.
الثاني: تقديره ما الأمر كما قالوا.
والقول الثاني: من الأصل أن جواب القسم مظهر، ومن قال بإظهاره اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: قوله تعالى: {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} قاله الفراء.
الثاني: من قوله تعالى: {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} وهو قول مقاتل.
أحدها: يعني في حمية وفراق، قاله قتادة.
الثاني: في تعزز واختلاف، قاله السدي.
الثالث: في أنفة وعداوة.
ويحتمل رابعاً: في امتناع ومباعدة.
{كم أهلكنا مِن قَبْلِهم} يعني قبل كفار هذه الأمة.
{من قرن} فيه قولان:
أحدهما: يعني من أمة، قاله أبو مالك.
الثاني: أن القرن زمان مقدور وفيه سبعة أقاويل:
أحدها: أنه عشرون سنة، قاله الحسن.
الثاني: أربعون سنة، قاله إبراهيم.
الثالث: ستون سنة، رواه أبو عبيدة الناجي.
الرابع: سبعون سنة، قاله قتادة.
الخامس: ثمانون سنة، قاله الكلبي.
السادس: مائة سنة، رواه عبد الله بن بشر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
السابع: عشرون ومائة سنة، قاله زرارة بن أوفى.
قوله عز وجل: {فنادوا ولات حين مناص} يحتمل وجهين:
أحدهما: استغاثوا.
الثاني: دعوا. ولات حين مناص التاء من لات مفصولة من الحاء وهي كذلك في المصحف، ومن وصلها بالحاء فقد أخطأ. وفيها وجهان:
أحدها: أنها بمعنى لا وهو قول أبي عبيدة.
الثاني: أنها بمعنى ليس ولا تعمل إلا في الحين خاصة، قال الشاعر:
تذكر حب ليلى لات حيناً ** وأضحى الشيب قد قطع القرينا

وفي تأويل قوله تعالى: {ولات حين مناص} خمسة أوجه:
أحدها: وليس حين ملجأ، قاله زيد بن أسلم.
الثاني: وليس حين مَغاث، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنه قول علي رضي الله عنه في رجز له:
لأصبحنّ العاصي بن العاصي ** سبعين ألفاً عاقِدي النواصي

قد جنبوا الخيل على الدلاصِ ** آساد غيل حين لا مناص

الثالث: وليس حين زوال، وراه أبو قابوس عن ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
فهم خشوع لدية لا مناص لهم ** يضمهم مجلس يشفي من الصيد

الرابع: وليس حين فرار، قاله عكرمة والضحاك وقتادة قال الفراء مصدر من ناص ينوص. والنوص بالنون التأخر، والبوص بالباء التقدم وأنشد قول امريء القيس:
أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص ** فتقصر عنها خطوة وتبوص

فجمع في هذا البيت بين البوص والنوص فهو بالنون التأخر وبالباء التقدم.
الخامس: أن النوص بالنون التقدم، والبوص بالباء التأخر، وهو من الأضداد، وكانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض: مناص: أي حملة واحدة، فينجو فيها من نجا ويهلك فيها من هلك، حكاه الكلبي: فصار تأويله على هذا الوجه ما قاله السدي أنهم حين عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة.

.تفسير الآيات (4- 11):

{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11)}
قوله عز وجل: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} أمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله أيسع لحاجَاتنا جميعاً إله واحد إن هذا لشيء عجاب بمعنى عجيب كما يقال رجل طوال وطويل، وكان الخليل يفرق بينهما في المعنى فيقول العجيب هو الذي قد يكون مثله والعجاب هو الذي لا يكون مثله، وكذلك الطويل والطوال.
قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم} والانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقة الوجه وفي الملأ منهم قولان:
أحدهما: أنه عقبة بن معيط، قاله مجاهد.
الثاني: أنه أبو جهل بن هشام أتى أبا طالب في مرضه شاكياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه، قاله ابن عباس.
{أَنِ امشوا واصبروا على آلهتكم} فيه وجهان:
أحدهما: اتركوه واعبدوا آلهتكم.
الثاني: امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول: امش على هذا الأمر، أي امض عليه والزمه.
{إن هذا لشيء يراد} فيه وجهان:
أحدهما: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن الإسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل.
الثاني: أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا.
قوله عز وجل: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} فيه أربعة أقويل:
أحدها: في النصرانية لأنها كانت آخر الملل، قاله ابن عباس وقتادة والسدي.
الثاني: فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الحكم.
الثالث: في ملة قريش، قاله مجاهد.
الرابع: معناه أننا ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا، قاله الحسن.
{إن هذا إلا اختلاق} أي كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل: {أم عندهم خزائن رحمة ربك} قال السدي مفاتيح النبوة فيعطونها من شاؤوا ويمنعونها من شاءُوا.
قوله عز وجل: {فليرتقوا في الأسباب} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: في السماء، قاله ابن عباس.
الثاني: في الفضل والدين، قاله السدي.
الثالث: في طرق السماء وأبوابها، قاله مجاهد.
الرابع: معناه فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة، وهو معنى قول أبي عبيدة.
قوله عز وجل: {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال سعيد بن جبير: هم مشركو مكة و{ما} صلة للتأكيد، تقول: جئتك لأمر ما. قال الأعشى:
فاذهبي ما إليك ادركني الحلم ** عداني عن هيجكم أشغالي

ومعنى قوله جند أي أتباع مقلِّدون ليس فيهم عالم مرشد.
{مهزوم من الأحزاب} يعني مشركي قريش أنه أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.